نص كلمة: الوجود السماوي والأرضي لعلي عليه السلام
[لا توجد نسمة تحمل من الشذى أطيب من الصلاة على محمد وآل محمد]
قبسات علوية
الحديث عن علي (ع) حديثٌ بمساحة الأرض والسماء وعليٌ (ع) ذلكم الرجل الذي جمع الملكات الموجودة في الأرض والسماء، عليٌ هو المظهر الحقيقي للحقيقة المطلقة، ولا تسل ماذا أبقيت لمحمد، فإني أقول وهل عليٌ إلا محمد، عليٌ (ع) تفوق في مولده وأبى إلا أن يسطر حروف حياته بمداد من نور ليتميز بها ما بين السطور وتحقق له ذلك وعليٌ جاء مرة أخرى ليقول للأمة أنني لن أغادر هذا الموقع إلا من خلال موضع له خصوصيته تتماها وخصوصية الابتداء، من مثلك يا علي بدأها في مسجد وختمها في مسجد وبين المسجدين مساجدٌ لولا سيفك يا علي لما ارتفع منها أذانٌ ولا صدح منها صوت يوحد الله أو يشهد لمحمد (ص) بالرسالة، علي أنت الخصوصية التي وهبتها السماء للحبيب المصطفى محمد (ص) وأنت الذخيرة التي استبقاها للبضعة الطاهرة بنت النبي محمد (ص) ومن خلالك تم الامتداد الطبيعي لنسل النبي محمد (ص)، عليٌ هو علي ان ابتدأنا او ختمنا فلا أجمل من أن نبدأ بعلي لنأخذ المساحات ونذهب إلى المديات ونتصرف في أكثر من لفظ ولفظ، نقولب، نفكك، نركب، نستنتج، نطبق لكنها بدؤها وختمها لا يصح ولا ينبغي أن يختم وينتهى إليه إلا من حيث تم الابتداء علي، عليٌ (ع) أمام الكعبة وعليٌ في الكعبة وعليٌ فوق الكعبة وهل للكعبة قيمةٌ إلا بعلي، من الذي صانها وأماط الأذى عنها إلا علي! من الذي باشرها في أول نظرة من نظرات اللطف العلوي إلا علي؟ عليٌ مظهرٌ من نوع خاص لا تدركه العقول مهما اغتر البعض منا، فعليٌ يأبى على العقول مهما كانت مجنحةً أن تقترب من حياضه لتستكشف مكنونه، لأن علي (ع) فُطمت معرفته لا بختم دنيوي وإنما بختم لاهوتي خاص، ولا يعرفك إلا الله وأنا[3]، من هو الأنا؟ هو محمد (ص)، يا عليُ أنت مني وأنا منك بمنزلة النور من النور[4].
التقاء النور بالنور في البيت المعمور
عليٌ في الكعبة ويخرج منها بعد ابتسامة لم تتحقق إلا لأمه وهذا امتيازٌ أيضاً من نوع خاص أغلق الباب في وجهها لم يشأ ولم يحتمل أولئك وهم لم يدركوا من الذي تنطوي عليه تلك الأحشاء الطيبة المصطفات بين أحشاء النساء لتكون حضنا، وعاءا، ظرفا لنسمة علي (ع) واخذت دورتها وهي لم تستتم وعند الركن دُعيت ودفعت واستقبلت أما الداعي فهو الله والدافع هو الله والمستقبل هو الله في بيت الله من عدل الله، لله صلوا على محمد وآل محمد، وُلد عليٌ وأيام في الكعبة ثم خروج ليلتقي النور بالنور وتبدأ المسيرة محمدٌ (ص) يدعو وعليٌ (ع) يقوّم الأمة، النبي (ص) يدعو وعليٌ (ع) يقوّمها، محمد (ص) يدعو وعليٌ (ع) يقوّمها من مكة إلى المدينة غزوات، سرايا، حروب لا تحسم إلا بشفرة سيف علي (ع) وما تخلف عليٌ (ع) عن موطن إلا ودخل المسلمون في عراك ابتدأوه ولم يعرفوا التخلص منه والتاريخ شاهد.
الوجود السماوي والارضي لعلي (ع)
أما عليٌ في السماء، في علي وجودان: وجودٌ أرضي، ووجود سماوي، لسنا نحن من نقول وما عسانا وما هي البضاعة التي بأيدينا، وليس الصحابة من يقولون لأنهم مهما بلغوا لن يصلوا، نحن لا نستقي إلا من معين واحد، نحن لم تتشعب بنا الطرق وتذهب بنا المذاهب، طريقنا حصرٌ في محمد وآل محمد (ص) فخذ بنا يا رسول الله لتضعنا على الحقيقة كما هي يقول عبدالله بن عباس حبر الأمة سمعت رسول الله محمد (ص): يقول: أعطاني الله خمساً وأعطى علياً خمسة أعطاني جوامع الكلم وأعطى علياً جوامع العلم وجعلني نبياً وجعله وصيا وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل وأعطاني الوحي وأعطاه الإلهام وأسرى بي إليه وفتح له أبواب السماوات والحجب حتى نظر إليَّ فنظرت إليه، وهل انتهى الامر الى هذا الحد؟ لا، يقول ابن عباس: ثم بكى رسول الله (ص) فقلت له ما يبكيك فداك أبي وأمي فقال النبي محمد (ص): إن أول ما كتمني به أن قال يا محمد أنظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت وإلى أبواب السماء قد فتحت ونظرة إلى علي وهو رافعٌ رأسه إلي! فكلمني وكلمته، يعني حدث حوار فيما بينهم، في السابق قد الناس ما كانت تستوعب هذا الكلام وترفضه ويقولون كيف هذا، لكن الان الدنيا تغيرت اصبح الكلام من داخل مركبة فضائية من المريخ ممكن وهذا الناس تتقبله وبسهولة لكن عندما يكون الكلام في حق محمد وآل محمد نتوقف فيه لماذا؟ ما بأيدينا صنعة بشر، وما أعطى الله لمحمد وآل محمد هو صناعة الله، فكلمني وكلمته، وكلمني ربي (عز وجل). فقلت: يا رسول الله، [الذي يقول ابن عباس] بم كلمك ربك؟ قال: قال لي: يا محمد، إني جعلت عليا ووصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فأعلمه، فها هو يسمع كلامك، فأعلمته وأنا بين يدي ربي (عز وجل)، فقال لي: قد قبلت وأطعت. [بعد أن قبل عليٌ (ع) أن يصبح وزيراً للنبي، خليفة للنبي، وصي للنبي]، فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، فرد عليهم السلام، [حتى في الغدير صار هناك تباشر في أول يوم البيعة؛ بخٌ بخٌ يا علي قالوا، اشعار قرئت: يناديهم يوم الغدير... القراءة تحركت، الشعارات هتف بها، و...لكن فقط خمسة وسبعين يوم كانت مدة الصلاحية وبعدها انتهت، أما في السماء التباشر إلى يومنا هذا مستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، اللهم ثبتنا على الولاية، لان الامر ليس بالهين] ورأيت الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنأوني وقالوا: يا محمد، والذي بعثك بالحق، لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله (عز وجل) لك ابن عمك، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض، فقلت: يا جبرئيل، لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟ فقال: يا محمد، ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش فإنهم استأذنوا الله (عز وجل) في هذه الساعة، فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه، [ليت من يرمي بالغلو يعطي تعريفا دقيقا للغلو ولكن كالعادة رمتني بدائها وأنسلت يخاطب أحدهم أحد سلاطين العصر يقول: صلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين وعندما يقول واحد منا لمحمد وآل محمد صلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين نصبح غلاة!]، فلما هبطت جعلت أخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه.[5]
حيثيات الدعوة الى غربلة النصوص
هناك مطالبة حثيثة في الفترات الأخيرة لإعادة قراءة النص الديني وغربلة أوراق التاريخ وتنقية التراث هي مطالب مشروعة في العنوان الأولي مشروعة إذا طابت النوايا واذا صدقت الدعوى فهي مشروعة وحق، لكن لماذا؟ هذا الذي يحتاج الى جواب، هذا الذي يبحث عن جواب، لماذا أيها الأحبة؟ إن العلماء الذين مضوا بذلوا جهوداً مغنية لا الظرف الأمني كان يساعدهم ولا الظرف المادي كان يساعدهم ولا الوسائل التقنية الموجودة كانت تحت أيديهم كانوا يضربون بطون الإبل من أجل سماع حديث جديد في بغداد وهو من سمرقند، أحدهم ما أن يصل إلى بغداد إلا ويقال أن طلبتك في خراسان فيعود ليسمع منه الحديث في إحدى التراجم لأحدهم يقول: خرج من سمرقند طالباً لحديث في بغداد فأخبر أن الرجل قد مات فسقط القادم ظنوه مغشياً عليه وإذا به فارق الحيات من أجل حديث ونحن بكل سهولة ومرونة وتبجح نريد أن نغربل، نغربل ماذا؟ نلغي ماذا؟ نتصرف في ماذا؟ أيها الأحبة علينا أن لا نفصل القضايا عن ظرفها الزمني كما أن للزمن أثر، للمكان أثر، لروح القضية أثر، للقرائن المصاحبة اثر على نتاجنا في هذا اليوم، الفكري والفقهي والتفسيري والكلامي وما ... أولئك أيضا كان له الأثر البين، فلنسأل من أنفسنا عندما نحاول أن نقترب من نص هل نستحضر ذلك الظرف؟ وإذا استحضرناه هل نستحضره بكل حيثياته، أم نأخذ ما يساعد على الوصول إلى الرغبات التي نكتنزها في داخلنا وأما ما يكون وراء ذلك فوراء ذلك، أيها الأحبة ما جاء في علي وآل علي هو ما وصل إلينا وما خفي أعظم، حق علي حق آل علي على البشرية شيء على الرسالة شيء عليٌ ليس في حدود عالم مادي وإنما عليٌ هو عالم المعنى.
وصايا الى الفضلاء من طلاب العلوم الدينية
أيها الأحبة وفيكم جمعٌ من الفضلاء أقول انتم في حاضرة العلم الكبرى قم المقدسة المشرفة بأنوار السيدة المعصومة من آل محمد، خلفتم وراءكم أهلاً وتركتم رغد العيش وجئتم من أجل التحصيل فلا ينشغلن أحدٌ منكم بسوى ذلك، حافظوا على اتجاه البوصلة للاتجاه الصحيح إذا انحرفت قوموها بأيديكم، تقويمها أيها الأحبة أن الساعات في قم تعادل الأيام في غيرها لأن قم تزخر بالعلم بكل مفرداته، العلم الحوزوي الصرف والعلم المصاحب وهو المدني وهنا أقول للأحبة ان جيل اليوم يحتاج منا رجل دين متخصص فيما ما هو فيه على أن يكون منفتحاً على الروافد الأخرى المجتمع لا ينتظر منا جواباً على مسألة شرعية لأن آية الله جوال! كفاكم المؤونة هو من آيات الله كل ما لدينا هو من الله ونعمة، ربما تجلس في مجلس تسأل تجيب يقوم لك شخصٌ يجلس في أحدى الزوايا: ولكن رأي المرجع يبدوا... فأيها الأحبة! إذا كانت قم قبل أكثر من اثنين وثلاثين سنة تقام فيها الدورات التخصصية في الاقتصاد والاجتماع والفلسفة والسياسة فما بالكم بها في هذا اليوم، لنسأل أيها الأحبة إذا كان في قم هذا الكم الهائل كم هي المكتبات التي ترددنا عليها، تصفحنا الفهارس فيها وضعنا المسودات التي نرجع إليها حين البحث، من السهل أن يبني الإنسان مكتبه ولكن من الصعب أن يتقن التعامل معها أيها الأحبة أنا لست مرشداً ولا مقوماً وإنما منكم أستفيد ولكن أقول من خلال منطلق واحد والله لم ندرك هذه النعمة الكبرى حتى بتنا في حال لا نستطيع أن نصل إليها، الأمور المعنوية لا تدرك بسهولة عندما تفقد حتى تحدث الصدمة على العكس من ذلك أيها الأحبة عندما يكون الأمر مادياً، عندما يتعرض البصر إلى انحراف بسيط نسأل عن أفضل المتخصصين في طب العيون، وعندما يختل مزاجنا لارتفاع في نسبة السكر أو نزوله نبحث على من يقوم لنا ويرجع الحالة على ما كانت عليه وعلى هذا فقس ما سواه، لكن أيها الأحبة في جانبنا المعنوي إذا اختل أمرٌ ما الذي نصنع! الأطباء في قم كُثر، آيات أساطين قمم، عليٌ (ع) حياته مدينةٌ متكاملة أبوابها متعددة بمقدور كل واحد منها أن يلج تلك المدينة ولو من باب من أبوابها وانتم أهلٌ لذلك، اسأل من الله سبحانه وتعالى أن يجعل ثواب هذا الحفل في ميزان أعمالكم وان لا يحرم الذين رحلوا من هذا الثواب، أن يجمعنا الله وإياكم تحت قبته النوراء في العاجل إن شاء الله، أن يجعلنا وإياكم ممن يقتبس من هديه ويسير بعد الاقتباس، وفقنا الله وإياكم، اشكر الأخ الحاج أبو حسن والأخوة القائمين على تنظيم هذا الحفل وأشكر لكم حُسن الاستماع والتمس منكم العذر إذا حصلت إطالة معينة أنا عادة أبحر خارج الورق أكثر من أن أتقيد بالورق، جمعنا الله وإياكم في القادم من الأيام على خير بفضل الصلاة على محمد وآل محمد.