نص خطبة:تعدد أدوار الأئمة عليهم السلام مدعاة واضحة لتعدد القراءات

نص خطبة:تعدد أدوار الأئمة عليهم السلام مدعاة واضحة لتعدد القراءات

عدد الزوار: 1296

2012-07-04

ورد في الحديث عنهم عليهم الصلاة والسلام: «فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله»([2]).

معنى (الإمام):

لفظة (إمام) تطلق ويراد منها معاني متكثّرة، لكنها لا تتأبّى أن تكون قابلة للبسط على مصاديق كثيرة في الخارج، غاية ما في الأمر أن القرينة تفرز لنا ما هو المراد من هذه اللفظة من حيث الدلالة.

والقرائنُ على ضربين: قرائنُ عامة وأخرى خاصة، فالقرينة الخاصة بيد اللافظ، ينصبها حيث يشاء، ليضيّق من دائرة دلالة اللفظ على المعاني المتكثرة ليحصرها في المعنى المراد، وهذه القرينة قد تكون متّصلة بالكلام، وقد تكون منفصلة عنه، والمفارقة بينهما إنما تكون عند المتلفظ والناصب للقرينة. أما القرينة العامة فهي مناسَبةُ الحكم للموضوع، فلو كنا بصدد نقل رواية عن إمام، فإن المتناسب بين اللفظ وموضوعه أن يكون الإمام واحداً من تلك المنظومة النيّرة من آل محمد (ص). ولو كنا نتحدث عن إمامٍ من خلال خطبته أو كيفية الأداء والتعاطي مع الفريضة والمصلين، فإن السياق يساعد على أنه إمام الجماعة. بل والأكثر من ذلك، أن أهل الشرك والضلالة والكفر لهم أئمتهم أيضاً([3]).

مواصفات الإمام:

والحديث الشريف السابق يبين لنا حيثيات الإمام في وسط الأمة، بأن يكون عاملاً بكتاب الله، فهذه حيثية وركيزة هامة يتصف بها، ولو استعرضنا قافلة التاريخ في القرون المتقضية، وأردنا أن نضع يدنا على من جسّد الكتاب عملاً خارجياً، مطابَقةً بين اللفظ والقول، فإن الظروف لا تساعد أن نضع يدنا إلا على من اصطفاه الله سبحانه وتعالى من البشر، وهم محمد وآل محمد (ص) حصراً.

ومن صفات الإمام أيضاً أن يكون آخذاً بالقسط، فكثير هم أولئك الذين تربعوا على عروش الأمة، وتسيّدوا الشعوب على وجه الأرض، لكن القيام بالقسط، وتجسيد العدالة واقعاً في الخارج، لم نجد له مظهراً واضحاً وجلياً من بعد الرسول الأعظم (ص) إلى يومنا هذا، إلا في عهد علي (ع) في سنين قليلة جداً، اتصفت بحالةٍ لم يوصِلْ إلينا التاريخ إلا القليل من عطاءاتها، أما ما دون ذلك مما تقدم أو تأخر، فإما أنه يحوم حول حمى القرآن، وهو يتمثل في مجموعة من الأُسر التي تربعت على عروش الأمم والقبائل أو الشعوب أو المسالك المذهبية، أو أن يكون بعضهم قد دخل في ذلك الحمى، ومنهم من بقي خارجه.

ومن صفات الإمام أن يكون دائناً بالحق، لا يعرف ممايزة بين هذا وذاك إلا بقدر ما يكون هذا أو ذاك قريباً من الحق، وهو الله تعالى، وهي نمرقةٌ لا تأخذها في الله لومة لائم، ودونك التاريخ فقلّب أوراقه واحدة تلو الأخرى، لعلك تعثر ـ ولن تعثر ـ على ما هو في حدود هذا الرقم المقدس، وهو الأربعة عشر معصوماً من آل بيت النبوة (ص).

ثم الحابس نفسه على ذات الله، فمن هم أولئك الذين تسيدوا وحبسوا أنفسهم لله وفي الله؟ فلو أننا فتشنا أيضاً فسوف لن يهدينا النص إلا إلى ما تفوه به إمام النص. يقول أمير المؤمنين (ع): «ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله».

صفات الشيعة وعلائمهم:

إن شيعة أهل البيت (ع) مركّبٌ إضافيٌّ مقدس، لا يجاريه مركّبٌ لفظي آخر يستدعينا أن نستنطقه قليلاً، وهذا اللفظ هو صنيعة السماء، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيْعَتِهِ لَإِبْرَاهِيْمْ. ثم تأتي الروايات عنهم (ع) لتوصلنا إلى هذه النتيجة. ثم تأتي السنة المطهرة التي تدفعنا لبيان ما لهذه الحالة من التركيب اللفظي من الأئمة (ع). ففي الحديث الشريف عنهم (ع): «شيعتنا منّا، ونحن من رسول الله، ورسول الله من الله»([4]). وهذه عملية خاصة لمن خُصّ واختُصّ بها، فهناك طرفان: الشيعة وأهل البيت (ع) وهناك ربط بين هاتين المفردتين.

ولنسأل: من هم الشيعة في القرآن؟ إنهم الشيعة الذين عناهم الله تعالى في قوله: ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيْعَتِهِ لَإِبْرَاهِيْمْ﴾([5]). ودونك الروايات التي تبين معطيات هذه الآية، وهي من الكثرة بمكان، وقد بينت ما لهذه الآية من دلالة، وأنها لا تقف عند حدود حرفيتها، إنما لها امتدادٌ طبيعي أيضاً.

إن السنة الطاهرة المطهرة تسوقنا في هذا الاتجاه، وهو أن الشيعة منهم (ع) وأنهم خلقوا من فاضل طينتهم([6]). إذن هنالك اصطفاء خاص، وعناية خاصة من رب العزة والجلال لعبادٍ على وجه الأرض كُرِّمُوا، وأشرفُ وسام، وأعلى تكريم، هو أن يدخل الإنسان في حدود ذلك التركيب اللفظي المقدّس، وأن يكون من شيعة محمد وآل محمد (ص).

أما عند الآخرين، فإن الشيعة هم من شايعوا علياً (ع) ووقفوا إلى جانبه في وقت العسرة، وعلى هذا الكثير مما هو مدون في كتبهم وأسفارهم وموسوعاتهم.

مصداق التشيع:  

ثم لنسأل أنفسنا: من نحن اليوم في هذا العالم الكبير من حولنا ؟ إننا أبناء تلك الأجيال التي طواها الزمن أجساداً، لكنه لم يستطع أن يطمس معالمها وآثارها المعنوية، بدليل أننا ننحدر من سلالات تعتَّق فيها الحب والولاء لمحمدٍ وآل محمد (ص).

أما أهل البيت (ع) فهم الجزء الآخر من أجزاء المركب، الذين يقول فيهم القرآن القرآن الكريم: ﴿فَمَنْ‏ حَاجَّكَ‏ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكاذِبين‏﴾([7]). ودونك أمهات الكتب في التفسير عند المدارس والمذاهب الشقيقة من حولنا، وانظر ما تبين من الدلالة لهذه الآية الشريفة، فهي لا تتعدى حدود الحصر في تلك الكوكبة، الحسن والحسين، وعلي وفاطمة، ثم الجامع بينهم نبينا محمد (ص).

وفي السنة المطهرة أيضاً، نجد الأحاديث الكثيرة من غيرنا أكثر مما ورد عندنا، وهي تنص على أن المراد بأهل البيت (ع) هم أولئك الذين نص عليهم النبي الأكرم (ص) بأسمائهم.

فقد قال النبي (ص) يوماً: «ما بين منبري وبيوتي روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة من ترع الجنة، وصلاةٌ في مسجدي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام». فقال أحد الصحابة المتقدمين، من أصحاب الموقع والحظوة:  بيوت النبي (ص) وبيت‏ علي‏ منها؟ قال (ص): نعم، وأفضل»([8]).

وهذه الرواية لم ننفرد بها نحن، إنما رواها الحفاظ من أرباب المدارس الأخرى. فأهل البيت (ع) هم في هذه الحدود وهذه الدائرة.

ثم إن أهل البيت (ع) هم الذين شرفونا بهذا التركيب: «ما شيعتنا إلا من اتقى الله  وأطاعه»([9]) فملاك تحقق التشيع، وتطابق العنوان على المعنون، ينحصر بالإيمان والعمل.

فالإيمان يكون بالله والرسول (ص)، ويلازم الأول العدل، ويلازم الثاني الإمامة، ثم الإيمان باليوم الآخر، وهو الأصل الخامس من أصول الدين، اختزلها النص بهذه الثلاثة للمداخلة بين أصلين في أصلين.

وبالنتيجة يمثل الإيمان بأصول الدين الأربعة الأولى (التوحيد والعدل والنبوة والإمامة) مبدأ الإيمان، فيما يتعلق الأصل الخامس بنتيجة العمل، فمن يؤمن باليوم الآخر لا يتجاوز حدود مطابقة الأمر المأتي به لحدود التكليف الصادر عن الجهة التي يجب على الإنسان أن يرتبط بها ويأخذ تكليفه عنها.

وشرف عظيم للإنسان ما بعده شرف، أن يقال عنه إنه علوي أو فاطمي أو جعفري أو شيعي، لكن المسألة لا تتعلق بالمشرَّف فحسب، فقد تحقق هذا التشريف في عالم الذر والأنوار والشهود، إنما المهم أن نتعاطى الأمر الآخر، وهو التكليف من قبلهم (ع) في أن لا نتخلى عن القيام بدورنا فيه.

وحينئذٍ نسأل أنفسنا: ما هي المساحة التي يشغلها هذا التركيب الإضافي المقدس في وجداننا وواقعنا المعاش. فالحب والولاء لأهل البيت (ع) يتجلى من خلال التفاعل التام مع ذكريات أهل البيت (ع). ومما هو جدير بالحمد والشكر لله تعالى، أن فتياتنا وشبابنا سجلوا في الآونة الأخيرة حضوراً ملفتاً للانتباه في دواوين أهل البيت (ع) وهذه نعمة كبرى، فقد راهن أعداء مدرسة أهل البيت (ع) وخصوصاً الاستكبار العالمي، على فصل الأمة عن أئمتها، لكنهم أخفقوا، فيما سجل هؤلاء الأطياب الأطهار نتائج رائعة.

لقد حاولوا أن يفصلوهم عن المسجد، فأبوا إلا أن يسجلوا حضوراً ملفتاً ومربكاً في نفس الوقت للآخرين. وكذلك حاولوا أن يحاربوا مجالس الحسين (ع) لكن أبى هؤلاء الشباب والفتيات إلا أن يسجلوا حضوراً وأن يسقطوا المؤامرة، ولو أننا لم نحظ بآباء وأمهات على درجة كافية من الوعي والإيمان والحب الصادق لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، فجزى الله الآباء والأمهات والأجداد والجدات عنا ألف خير.

للشباب ... خطوات ومناهج عمل:

أيها الشباب: إنها أمانة كبيرة وثقيلة وصعبة والتحديات أكبر مما نتصور. وقد كنت وما زلت أقول وأعيد وأجدد ثم أؤكد وأقول:

1 ـ عليكم بالحيطة والحذر، والهدوء والسكينة والتروي والوعي والصبر، فهي الأسلحة التي يمكن للإنسان أن يتخطى من خلالها الأزمات، ولنا في أهل البيت (ع) قدوة وأسوة.

2 ـ مراجعة النفس وتصحيح المسار، فمن منا يدّعي العصمة لنفسه بأن لا يكون قد أخفق في كلمةٍ يوماً من الأيام، أو في فعلٍ ما، صدر عنه في مرحلة من المراحل ؟ إنَّ محطات أهل البيت (ع) هي مساحة كبيرة نراجع من خلالها الحسابات، ونجدد القراءة النصية، ونحن في مرحلة ما عادت تتقبل منا الغث والسمين كما كان في العهد الماضي، إنما لا بد من المراجعة الدقيقة في هذا الجانب، فينبغي قراءة النص قراءة دقيقة بما هو متوافق مع مدركاتنا.

3 ـ تجديد الخطاب الديني، وهذا يستدعي التضحية، ومع شديد الأسف، إن ضرائب هذه التضحية تُدفع اليوم من الداخل إلى الداخل، في حين أننا في غنى أن نصرف هذه الضرائب من الداخل على الداخل، لأنّ ما يهدر من الوقت والطاقات والجهد والمال كثير، وهناك موارد هي في مسيس الحاجة أن يصرف فيها. فكم هم الشباب العاطلون عن العمل؟ وكم هي النساء العوانس اللاتي يجلسن في بيوت أهلهنّ ؟ وهنالك قائمة تطول وتعرض في هذا الجانب.

4 ـ التماهي مع حيثيات المواقف والأدوار التي تعاطاها أئمة أهل البيت (ع) وهي كثيرة، فلم يقدم لنا أئمتنا أنموذجاً واحداً كي نلتزمه ونلغي سائر النماذج، إنما قدموا لنا صوراً متعددة ونماذج متفرقة، ويمكننا أن ننهل من هذه المدرسة وفق المعطيات المضافة لأحد أنوار الإمامة، كما أن بمقدور الآخر أن يستعين بمعطيات إمام آخر وفق الظروف الزمانية والمكانية وما للقضايا من إسقاط على المشهد.

فأئمتنا (ع) تعددت أدوارهم، فما قام به علي (ع) ليس هو الدور المنتظر أن يقوم به الإمام الهادي (ع) كما أن ما ضحى من أجله الإمام الحسين (ع) لا يستدعي الموقف أن يضحي الإمام الثامن من أجله، لذا تعددت أدوارهم، إلا أن الهدف واحد، وهو أن تبقى كلمة الله هي العليا، وقد بقيت كذلك إلى يومنا هذا.

قراءة المسار وتصحيح المنهج:

فالمساحة التي نحن فيها في هذه المرحلة هي عبارة عن العطلة الصيفية، وقد تقضى منها الشطر الأول، وينتظرنا منها فترة لا بأس بها، إلا أن الإنسان الواعي المدرك لا بد أن يتوقف في المحطة الأولى، ومركز الاستراحة الأول، ليستفيد مما تقدم ويعوض الخلل، أما من ينتظر المحطة الأخيرة فهو ذلك الإنسان الذي حكم على مشروعه بالفشل منذ الوهلة الأولى.

فهل استكشفنا المواهب الكامنة في داخلنا من خلال هذه الفترة الزمنية، وأعني بالخصوص الشباب الرسالي الواعد ؟ ما منا أحد إلا ولديه مجموعة من المواهب التي يتنازعها الكثير من الصوارف، فهل وقفنا أمام تلك المواهب، وقدمنا ما يحظى بالخصوصية، أم أننا عطلناها وطوينا دونها كشحاً؟

ثم أين نحن من القراءة الممنهجة؟ لقد مرت بنا ذكريات أهل البيت (ع) ونحن في تعطيل، فلنسأل، ونحن نحب أهل البيت (ع) ونتفانى بحبهم ولن نبخل بشيء في سبيلهم: كم قرأنا عن أهل البيت (ع) ؟ وكم حاولنا أن نتفهّم واقع أحد المعصومين ممن مرت بنا ذكرياتهم؟

علينا أن لا نكون اتكاليين في بنائنا الثقافي وتنوّرنا الديني على خطيب يتفوه هنا، أو إمام جماعة يتكلم هناك، وعلينا أن نحمل المسؤولية بأنفسنا، فالمعلومة التي نحصل عليها بالقراءة تثبت وتستقر أكثر من المعلومة التي تأتي عن طريق السماع.

ولنسأل أيضاً: لماذا لم ننتج خطباء قادرين على تحمل المسؤولية إلى يومنا هذا؟ ولماذا لا نرى كتّاباً يجارون غيرهم في عالم الكتابة والمكتبة؟ ولنسأل أيضاً: أين هم الأدباء الذين نراهن عليهم؟ ولماذا تبقى الطائفة أسيرة أسماء معينة؟ فهؤلاء قلائد وأوسمة شرف على صدورنا، إلا أننا نرغب في المزيد.

ثم لنسأل أيضاً: هل فتحنا لأنفسنا باب نقد؟ إنني أدعو الإخوة الأحبة أن يفتحوا هذا الباب، فمن يتعالى على نقد نفسه عليه أن ينتظر نقداً من الآخرين، وربما يكون النقد في مرحلة متقدمة، وأعني بها (الجلْد) فمن لا يرضى أن ينقد نفسه أو يترك مساحة للآخرين أن ينتقدوا مسيرته، فعليه أن يهيّئ نفسه لساحة جلدٍ في يومٍ من الأيام.

أيها الأحبة: في الحديث الشريف عنهم (ع): «ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي‏ بأعماله»([10]) فهو يروي الروايات، ويؤمن أن ثمة روايات عنهم (ع)، لكنه لا يجسدُها تجسيداً عملياً.

كان رُشَيد الهجَري (رضوان الله عليه) نجماً تكوّن من خلال تراب هذه الأرض ومائها وهوائها، وقد أشرق وشع في زمن المعصوم (ع) ولا زال إلى يومنا هذا يطرق أبوابنا باباً باباً، فمن منا يقترب من مساحة رشيد الهجري؟ العالم بالبلايا والمنايا، وهو الرجل الأحسائي الذي عاصر أكثر من معصوم، واقترب من مساحة المعصومين الذين عايشهم حتى شكل من نفسه كتلةً من العلم والثقافة والهدي، كان بطل الإسلام المحمدي الأصيل، وقد ناضل بين يدي المعصومين (ع) وكان علماً من أعلام الجهاد المقدس. إن هذا النموذج الفذ استؤصل وخرج من هذه الدنيا بعملية صلبٍ من قبل الأمويين، لا لشيء إلا لأنه ينهج نهج عليٍّ (ع).

أيها الأحبة: نحن أبناء منطقة ثرية بأعلامها، فهلا تصفحنا سيرتهم وأخذنا بهديهم وسرنا وفق معطياتهم؟ وهل رفعنا رؤوسنا شامخة برُشيد وصعصعة بن صُوحان وعبد الله بن جبلة ورموز كثر لهم بداية ولا نهاية لهم كما نأمل؟ وهل ننسى أو نتناسى الشيخ الأوحد الأحسائي (قدس سره) الذي شع وما زال مشعاً إلى يومنا هذا رغم ما تكالب عليه من خصوم ؟ أو ننسى ابن أبي جمهور الأحسائي (رحمه الله) الذي له ما له من أثر مباشر على مسار المكتبة في أروقة الإسلام أو العالم؟ فهل من الصحيح أن يُقرأ ابن أبي جمهور والشيخ الأوحد من قبل مفكرين غربيين هنا وهناك ونحن لا نعرف عنهما شيئاً في الكثير من حالاتهما؟

إن الأحساء التي أنجبت رموزاً كهؤلاء، من أمثال ابن المقرب رحمة الله عليه، الرمز الكبير في مساحة الأدب، وغيره من الرموز، ليست عاجزةً أن تنجب رموزاً كما كانت، ولكن علينا أن نعتز بأنفسنا كما ينبغي.

وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.