نبذة من حياة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)

نبذة من حياة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)

عدد الزوار: 10401

2009-03-06

 

أشهر ألقابه : الزكي ، العسكري ، التقي ، الخالص .
كنيته : أبو محمد ، و يعرف بابن الرضا كأبيه و جده (عليهم السَّلام (.
أبوه : الإمام علي الهادي (عليه السَّلام).
أمه : حديث و تسمى أيضا : سليل و سوسن ، و هي أم ولد .
ولادته : يوم الجمعة أو الاثنين (  (4 أو ( 8 ) من شهر ربيع الثاني سنة ( 232 ) هجرية .
محل ولادته : المدينة المنورة .
مدة عمره:28 سنة .
مدة إمامته6 سنوات ، من ( 26 ) شهر جمادى الثانية أو ( 3 ) شهر رجب سنة (254  (.
زوجاته : من زوجاته نرجس .
شهادته : يوم الجمعة ( 8 ) شهر ربيع الأول سنة ( 260 ) هجرية بالسم من قبل المعتمد العباسي ، أيام خلافته.

مدفنه : سامراء / العراق .

لقد كان هذا الإمام العظيم فذّاً من أفذاذ العقل البشري بمواهبه وطاقاته الثقافية والعلمية، كما كان بطلاً من أبطال التاريخ، وذلك بصموده أمام الأحداث، وبإرادته الصلبة تجاه الحكم العباسي المنحرف، فقد تمرّد الإمام على نُظُمه الفاسدة، وسعى إلى تحقيق الحق والعدل بين الناس.

لقد كان الإمام العسكري(عليه السلام) وحيد عصره في وفرة علومه، وأعلم الناس بشؤون الدين وأحكام الشريعة، وإن علماء عصره كانوا محتاجين إلى الانتهال من نمير علومه، ومن مُثُله البارزة.

إنه كان أعبد الناس، وأشدهم حريجة في الدين، وقد آثر طاعة الله على كل شيء، وكذلك كان أحلم الناس، وأكظمهم للغيظ، وقد قابل من أساء إليه بالصفح والعفو عنه، وظاهرة أخرى من نزعاته، أنه كان من أجود الناس، وأنداهم كفاً وأكثرهم إسعافاً للفقراء وإعانة للمحوجين، وقد قام بدور مهمّ في إنعاش الفقراء، فقد نصب له وكلاء في كثير من مناطق العالم الإسلامي، وعهد إليهم بتوزيع الحقوق التي ترد إليه، على فقراء المسلمين وضعفائهم مما أوجب إنعاشهم وإنقاذهم من البؤس والحرمان. في حين أنه كان يعيش عيشة الفقراء، فلم يحفل بأي شيء من متع الحياة وملاذّها، شأنه شأن آبائه الذين أعرضوا عن الدنيا وزهدوا فيها.

وكان من الطبيعي تقدير الأمة بجميع طبقاتها للإمام أبي محمد (عليه السلام) وتعظيمها له، فقد وقفت على هديه وصلاحه، وعزوفه عن الدنيا، وإخلاصه للحق، وتفانيه في طاعة الله وعبادته، واستبان لها أنه بقية الله في أرضه، والممثل الوحيد كجدّه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، بالإضافة إلى ذلك فقد تبنى الإمام القضايا المصيرية للعالم الإسلامي، و نادى بحقوق المسلمين، ونعى على حكام عصره ظلمهم للرعية، واستهانتهم بحقوقها فلذا أجمعت الأمة على تعظيمه والولاء له، والاعتراف بقيادته الهامة لها.

لقد أدى الإمام العسكري دوره القيادي في رعاية الأمة على الرغم من سياسة الخلفاء العباسيين في اضطهاد الإمام، فضيّقوا عليه غاية التضييق، كما فرضوا عليه الإقامة الجبرية في سامراء، وأحاطوه بقوى مكثفة من المباحث والأمن تُحصي عليه أنفاسه، وتسجّل كل من يتصل به، ولكن لم تُخفي هذه الممارسات التعسفية من ضوء وشعاع الإمام العسكري وظلّ يمارس دوره القيادي في حفظ الشريعة، وإحاطة الأمة بالعلم والمعرفة الصحيحة وانتشال الأمة من الواقع المرير الذي فرضته عليهم السلطات الجائرة في ذلك الزمان.

وكان للإمام العسكري(عليه السلام) الدور الفعال في ذلك.

عاصر الإمام العسكري(عليه السلام) خلال عمره القصير،المعتز بن المتوكل ، بقية أيامه بعد شهادة الإمام الهادي(عليه السلام) وبعده المهتدي بن الواثق ،الذي حكم أحد عشر شهراً ، ثم المعتمد احمد بن المتوكل الذي حكم ثلاثاً وعشرين سنة ، وكانت شهادة الإمام العسكري(عليه السلام) في أوائل حكم المعتمد .

فقد كان الإمام(عليه السلام) أخلاقه  كآبائه الأطهار(عليهم السلام) المثل الأعلى والقدوة التي تُحتذى ، ومع إن مدة إمامته(عليه السلام) كانت كما علمت قصيرة فقد ظهرت منه(عليه السلام) من العلوم ونشر الأحكام الإلهية وبث المعالم النبوية ما بهر العقول وحير الألباب .

وكان(عليه السلام) كثيراً ما يأمر بمراعاة قرابته لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي(عليه السلام) وإعانة ذريتهما بكل ما أمكن .


وكذلك كان
(عليه السلام) حسب أخبار عديدة وروايات كثيرة يأمر ويتشدد بوجوب قيام العلماء بوظائفهم ، وتعليم من ليس له حظ من العلم من الشيعة ، فإن يتم العلم أشد من يتم اليتيم الذي مات عنه أبوه ، فيجب على العلماء ، وبخاصة في زمان غيبة إمامهم إرشادهم وهدايتهم وتعليمهم أحكام الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وآله) .  

روي عن عليّ بن الحسن بن سابور، قال : قحط الناس ب (سرّ من رأى) في زمن الحسن العسكري(عليه السلام) فأمر الخليفهٌ الحاجب، وأهل المملكة أن يخرجوا إلى الاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام متوالية إلى المصلّى ويدعون فما سقوا.

فخرج الجاثليق في اليومِ الرابع إلى الصحراء، ومعه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب كلمّا مدّ يده هطلت السّماء بالمطر فشك أكثر الناس وتعجـّبوا وصَـبُـوا إلى دين النصرانية، فانفذ الخليفة إلى الحسن العسكري(عليه السلام) وكان محبوساً فاستخرجه من حبسه وقال: إلحق أمّة جدّك فقد هلكت، فقال: إني خارج في الغد ومزيل الشك إنشاء الله تعالي .

فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرهبان معه وخرج الحسن(عليه السلام) في نفرٍ من أصحابه فلما بصر بالراهب وقد مد يده أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى ويأخذ ما بين إصبعيه، ففعل، وأخذ من بين سّبابتيه عظماً، فأخذه الحسن(عليه السلام) بيده ثم قال له: إستسقِ الآن، فاستقى وكان السّماء متغـيّماً فتقشـّعت وطلعت الشمس بيضاء .

استشهاده (عليه السلام) :

لقد تعرض الإمام العسكري(عليه السلام) لما تعرض له أباؤه الأطهار(عليهم السلام) من بطش الحكام وإئتمارهم لقتلهم ، بل ربما يزيد الإمام العسكري(عليه السلام) عن ابائه وأجداده(عليهم السلام)  تعرضاً للأذى ، لأن الحكام في عصره كانوا يتخوفون مما بلغهم من كون الحجة المهدي(عليه السلام) منه(عليه السلام) لذا حبسوه عدة مرات ، وحاولوا قتله فكان ينجو من محاولاتهم .

حتى جاء عهد المعتمد (لع) فتمكن من سم الإمام الحسن(عليه السلام) في السنة الخامسة من حكمه ، وقد سُقيَ(عليه السلام) ذلك السم في أول شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين ، وظل(عليه السلام) سبعة أيام يعالج حرارة السم ، حتى صار يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول من سنة ستين ومائتين ، حيث انتقل إلى جوار ربه ، في سامراء ، ولم يصل عمره الشريف إلى ثمانية وعشرين سنة .

وقد تعرض الإمام العسكري(عليه السلام) فضلاً على أذايا العباسيين - للطامعين من الحاسدين ، وكان من أبرزهم أخوه جعفر ابن الإمام الهادي الذي أطلق عليه فيما بعد لقب " جعفر الكذاب " والذي كان على اتصال بالخلفاء وفتش العباسيون دار الإمام العسكري(عليه السلام) بعد استشهاده ، بتحريض من جعفر الكذاب ، للبحث عن الإمام المهدي (عج) وشنع جعفر الكذاب على أصحاب الإمام العسكري(عليه السلام) وعلى أتباعه قولهم بإمامة المهدي (عج) وهو ابن خمس سنوات ، وانتظارهم خروجه وظهوره بعد أخفاه أبوه ، بل شنع عليهم اعتقادهم بوجوده ، وأنكر وجوده كله .

ولم يكتف جعفر الكذاب بما فعل بشان المهدي (عج) بل تملك تركة أخيه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وادعى الإمامة بغير وجه حق ، وحاول حبس جواري وحلائل الإمام العسكري(عليه السلام) وأن يقوم مقامه في الشيعة ، فما استجابوا له وما تبعوه ، فلجأ للمعتمد ، يستمد منه العون على الوصول إلى أخيه ، وبذل له مالاً جزيلاً وتقرب إليه بكل ما يحتمل أن يقربه إليه ، ولكن المعتمد نهره وأبعده .

ولما استشهد الإمام العسكري(عليه السلام) ضجت لفقده " سر من رأى " ضجة عظيمة وحمل أهلها النعش المقدس ، بتجليل واهتمام بالغين ، فأراد جعفر الكذاب الصلاة عليه لكن ذا الطلعة البهية هو الذي صلى عليه وجهزه ، ودفن(عليه السلام) في داره مع أبيه الهادي (عليه السلام) وراء ظهره.

هذه شذرات مما كان عليه الإمام عليه السلام, إلا أن الظلم لم يقف عليه أيام حياته بل استمر حتى بعدو وفاته ولك أن تقارن أيها المؤمن بين الصورتين أدناه وتعرف مدى الظلم الذي عانى منه سلام الله عليه.